اعتدت دائما عندما يمد لي طفل في السوق حقيبة لا أحتاجها ، أن أبتسم في وجهه وامسح على رأسه كإعلان عن تضامني معه
يقول أحد الأخوة : اعتدت دائما عندما يمد لي طفل في السوق حقيبة لا أحتاجها ، أن أبتسم في وجهه وامسح على رأسه كإعلان عن تضامني معه والاعتذار له بطريقة تحفظ كرامته ولا تجعله يشعر بالخسارة، بقدر ما ترفع معنوياته
ما يهمني في هذا هو تمسك بحكمة والدي رحمه الله الذي كان يقول لنا: (عليكم بجبر الخواطر) ، وهو ما كان يردده في كثير من الأحيان ، مؤكدًا أنه صمام الأمان للتعايش السلمي والرضا. وقبولك للآخرين وقبولهم لك
ويقول : في يوم كان اجازتي من العمل و أردت في ذالك اليوم الترفيه عن أولادي الصغار ، وبناء علي طلبهم ذهبت معهم الى حديقة الحيوان لقضاء بعد الوقت هناك ، وعندما ذهبنا كان المكان هادئ ولم يكن مزدحما كالمعتاد
اقترب منا أحد الأولاد وبيده بالونات وهو في السابعة من عمره تقريباً وكان يقوم بالإعلان عنها أمام أطفالي الثلاثة !!
وكنت اعلم اذا تفجرت بالونت أحمد طفلي الأوسط قبل شقيقيه ، فإن الرحلة ستتحول إلى صراع ، وتعكر سعادة المشوار !! فطلبت من زوجتي ابعاد الطفل عن أولادي وأن يبحث عن زبون في مكان أخر . مشي الطفل كسيرا ، وأنا أراقبه على أمل رؤيته يجد مشترًا يسعده !!
لكنه ظل يبحث علي زبون وهو ماسكا ببالوناته في يديه وبداء يظهر عليه علامات التعب من البحث عن مشتري لبلوناته ، ثم عاد وتوجه مباشرة إلينا ، وتوقف ليس ببعيد ليفكر فينا ، وكأنه يفكر في قرارا قبل أن يتخذه !!
فجأة اقترب منا ، واعطي لكل من أبنائي بالونًا ، ثم جري بعيدًا ، وكأنه لا يريدنا أن نستيقظ من ذهولنا قبل أن يبتعد بما فيه الكفاية !!! وقفت في مكاني كالملدوغ ، وجعلتني أفعال هذا الطفل أحتقر نفسي
فقد أرضي اولادي بأعطائهم البالونات ، قد كان هدفي الرئيسي هو عدم تخريب النزهة ، وقد نسيت أن امتلاك بالون لمدة دقيقة قبل تدميرها يعني الكثير من الفرح والمتعة لأولادي ، الذين جلبتهم لأرى تلك السعادة التي حرمتهم منها ، و الذي تفضل بها عليهم هذا الطفل الغريب
نزل الشاب مسرعاً فوق الصخور التي تعلم أن يخافها بسبب قساوتها ، تماماً كما علمته الخوف من محنة الحياة التي أجبره على التخلي عن لعبه و يبيع البلالين!
واصلت الجري خلفه حتى أوشكت علي الوقوع ، حتى لحقت به بعد أن انقطعت أنفاسي وأمسكته من كتفه فحاول الفرار مرة أخرى ، لكنني تمكنت منه لضعفه وقوتي ، بعد أن تمكن بضعفه من التغلب على قوتي بتصرفه ذلك.
سألته : لماذا اعطيت أطفالي البالونات ثم وليت هربا ؟!
فكانت رغبتي في تجنب إشتباك أطفالي أثقلت عليّ عبئا أكثر من صراخ ابني أحمد لفقده البالون وضرب شقيقيه
الغريب في الأمر أن بالون طفلي الآخر لم يدم سوى بضع دقائق وانفجر ، لكن بالون أحمد أمسك به حتى عدنا إلى المنزل ، ونام وهو يحتضنها دون أن يصاب بأذي ، ولم يحدث الصراع الذي توقعته.
سألته : لماذا اعطيت أطفالي البالونات ثم وليت هربا ؟!
قال لي: إنها هدية لله !!
شعرت أن الصخور كانت تميد تحت قدمي في ذلك الوقت ، وأحسست باحتقاري لنفسي، لأنني كنت أبحث عن الراحة لأولادي دون أن أقدر راحة هذا الطفل الصغير في تطييب خاطره وشراء بالوناته !!
فأفرغت جيبي وأعطيته إياه ، لكنه رفض بقوة ، كأنه احتقر أفعالي ، فاحتضنته بحنان أبوي أمام المتفرجين المذهولين ، وسقطت دمعة من عيني طلباً الاستغفار منه حتى يغفر أنانيتي ونسياني لوصية أبي: (عليكم بجبر الخواطر)
شعرت أن الصخور كانت تميد تحت قدمي في ذلك الوقت ، وأحسست باحتقاري لنفسي، لأنني كنت أبحث عن الراحة لأولادي دون أن أقدر راحة هذا الطفل الصغير في تطييب خاطره وشراء بالوناته !!
فأفرغت جيبي وأعطيته إياه ، لكنه رفض بقوة ، كأنه احتقر أفعالي ، فاحتضنته بحنان أبوي أمام المتفرجين المذهولين ، وسقطت دمعة من عيني طلباً الاستغفار منه حتى يغفر أنانيتي ونسياني لوصية أبي: (عليكم بجبر الخواطر)
لم أتركه حتى رضي مرغما على قبول المال ، ثم عدت إلى أطفالي ، وقد تكدرت في داخلي لحظات النزهة ، عدت إلى المنزل !!
فكانت رغبتي في تجنب إشتباك أطفالي أثقلت عليّ عبئا أكثر من صراخ ابني أحمد لفقده البالون وضرب شقيقيه
الغريب في الأمر أن بالون طفلي الآخر لم يدم سوى بضع دقائق وانفجر ، لكن بالون أحمد أمسك به حتى عدنا إلى المنزل ، ونام وهو يحتضنها دون أن يصاب بأذي ، ولم يحدث الصراع الذي توقعته.
العبرة من القصة :-
عليكم بجبر الخواطر والمسح فوق رؤوس أطفال السوق.
إذا لم تشتري منهم فابتسموا في وجوههم كتعويضا لهم عن طفولتهم التعيسة والحنان التي حرمتهم منه الظروف.
يقول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
( إن العطاء ليس مالًا فقط ، وإنّما أن نحفظ ماء الوجوه، ونُطيّب الخواطر، ونراعي الكرامات، فإنَّ إراقة ماء وجه إنسان، كإراقة دمه )
وما عُبِد الله في الأرض بأفضل من جبر الخواطر
إرسال تعليق